يوم روحاني السعيد

https://rasanah-iiis.org/?p=8870

بواسطةمهدي تاجيك

كما كان متوقَّعًا، لم يواجه روحاني أي مصاعب في حصوله على الثقة لوزرائه المقترَحين، والوحيد الذي لم يحصل عليها من بين شخصياته المقترَحة هو حبيب الله بيطرف، الذي لم يتمكن من كسب أكثرية الأصوات لصالحه للحاق بركب الحكومة الجديدة، وستبدأ الحكومة الجديدة عملها على الرَّغم من اتهام بعض داعمي روحاني له بإخلافه الوعود التي قطعها حول تعيين وزير من بين النساء وآخَر من الأقليات المذهبية.

الأصوات الأقلّ للوزير الأقل سنًّا:
إن تحليل نتيجة تصويت النواب للوزراء المقترَحين تكشف عن بعض المعاني الخفيَّة لتلك الأصوات، على سبيل المثال حصل محمد جواد آذري جهرمي (وزير الاتصالات) على الأغلبية الهشَّة على الرَّغم من دعم روحاني الشديد له، فمن بين ما مجموعه 179 صوتًا حصل على 152 فقط، وعارضه 120 نائبًا، وامتنع 7 آخرون عن التصويت، ويبدو أن أغلبية الأصوات المخالفة له كانت من كتلة “أميد” الإصلاحية، التي لم تقتنع به بالنظر إلى أسبقيات حضوره في وزارة الاستخبارات في عهد أحمدي نجاد.

ويقول بعض النشطاء المدنيين والسياسيين إن جهرمي حقّق معهم خلال الأحداث التي تلت انتخابات 2009 الرئاسية، وكان موجودًا في عمليات تفتيش المنازل آنذاك، في حين كذّب جهرمي هذه الأقوال، وذكر أن مهمّته كانت في مجال القضايا الفنية المرتبطة بقسم التنصّت التابع لوزارة الاستخبارات. لقد اشتدّت الاعتراضات على ترشيح جهرمي لمنصب وزير الاتصالات خلال الأسبوعين الماضيين، وأطلق رُوَّاد مواقع التواصل الاجتماعي حملة افتراضية لحَثّ النواب على عدم التصويت لصالحه، وعلى الرَّغم من أن هذه الحملة لم تنجح في إبعاد جهرمي عن منصب وزير الاتصالات، فيبدو أنها كانت مؤثّرة في هبوط أصواته، وأدَّت إلى أن يحصل هذا الوزير الشابّ على أقلّ الأصوات بين الوزراء.

ثلاث فرضيَّات حول عدم منح بيطرف الثقة
من المفترَض أن تكون هذه الأيام أيامًا صعبة ومُحزِنة لحبيب الله بيطرف، فهو الوحيد بين الوزراء المقترَحين الذي لم يحصل على الثقة، وكان عليه العودة إلى المنزل بدلًا من البقاء في قاعة البرلمان، فقد منحه 133 نائبًا فقط الثقة، وصوَّت ضده 132 نائبًا، وامتنع عن التصويت 18 نائبًا آخَر، في حين كان بيطرف يحتاج إلى 144 صوتًا للوصول إلى كرسيّ الوزارة.
ربما حالت ثلاثة أسباب أبرز من غيرها دون حصوله على الثقة، أولها أن روحاني كان حذرًا في دفاعه عن بيطرف، ممَّا اعتبره النواب عدم رغبة من روحاني في منحه الثقة، وثانيها دوره في بناء السدود وبعض القضايا التي أثارت خلافات حول نقل المياه من الأحواز والمناطق الغربية من إيران إلى مناطق أخرى، مما جعل نواب هذه المناطق يتشاءمون من حضوره مجدَّدًا في هذه الوزارة، أما ثالثها فهو قرب بيطرف من الإصلاحيين.

رمزيَّة منح الثقة لوزير الدفاع
حصل أمير حاتمي على أعلى نسبة من أصوات النواب أوصلته إلى كرسيّ وزارة الدفاع، وقد تمكّن من الحصول على 261 صوتًا موافقًا، بينما عارضه 10 نواب فقط، وامتنع 13 آخرون عن التصويت له وإبداء مواقفهم سواء بالإيجاب أو السلب تجاه هذا الوزير، حتى إن أحدًا لم يتحدث خلال جلسة مناقشة أهليّته بكلام يعارضه فيه، ليجلس للمرة الأولى شخص من الجيش على كرسي وزارة الدفاع في إيران، والسبب وراء هذه النسبة من الأصوات واضح، هو إيصال رسالة رمزية مفادها أن النواب على الرغم من خلافاتهم السياسية فإنهم مجمعون على دعم القوات العسكرية!

الخيارات التي أحبطت الإصلاحيين
لم يكُن حصول جهرمي على الثقة الأمر الوحيد الذي أثار استياء الإصلاحيين الداعمين لروحاني، فلم يكُن منح الثقة لرحماني فضلي (وزير الداخلية) وعلي ربيعي (وزير التعاون) خبرًا يُسَرّ له الإصلاحيون، فربيعي -على سبيل المثال- مُتَّهَم بإعاقة إحياء نقابة الصحفيين، وحتى عندما قبِل الصحفيون بتأسيس نقابة بديلة فقط لمحافظة طهران، واجهوا انتهاكات منه.
أما رحماني فضلي فهو من وجهة نظر الإصلاحين أكثر خيارات روحاني إحباطًا، فهو من الشخصيات المقربة من لاريجاني (رئيس البرلمان)، وحضوره في الحكومة يُعَدُّ دفعَ جزيةٍ للاريجاني للحصول على تناغم أكبر بين البرلمان والحكومة، والآن بينما أصبحت الحكومة أكثر انسجامًا مع البرلمان، فقد كان متوقَّعًا من روحاني اختيار شخصية جديدة بدلًا من رحماني فضلي، لكن تأكيده حضورَ رحماني فضلي للمرة الثانية في وزارة الداخلية يُبرز الدور الذي تلعبه مصالحه السياسية في اختيار أفراد حكومته، كما تُثبت الأصوات الـ250 التي حصل عليها رحماني فضلي إلى أي مدى يرغب أصوليّو البرلمان في حضوره في هذا المنصب.

ثِقَل الأصوليين المعتدلين
حصل اثنان من وزراء روحاني الاستراتيجيين على الثقة من البرلمان بنسبة تصويت مرتفعة، فقد نجح ظريف في الحصول على 230 صوتًا موافقًا، في حين حصل زنغنه على 236 صوتًا. تأتي هذه النتيجة في الوقت الذي تَعرّض فيه كلاهما خلال السنوات الأربع الماضية لهجمات قاسية من الأصوليين، فقد تعرّض ظريف مِرارًا للتأنيب بسبب إبرام الاتفاق النووي والسعي لتخفيف حدَّة التوتّر مع الغرب، بينما أثارت العقود النفطية التي وقّعتها وزارة النفط في عهد زنغنه موجةً من الاعتراضات بين صفوف الأصوليين الذين كانوا يزعمون أن هذه العقود تذكّرهم بمعاهدة تركمنشاي (التي عُقدت بين الإمبراطورية الروسية والدولة القاجارية وأنهت الحرب الروسية-الإيرانية 1826-1828، والتي نصَّت على أن تتنازل الدولة القاجارية عن إقليمي إيروان ونخجوان لروسيا، ومنحت كثيرًا من الامتيازات الأخرى لروسيا)، لكنّ أصواتهم المرتفعة تثبت أن الأصوليين المعتدلين لهم ثِقلٌ كبير في البرلمان العاشر.

إدارة الدولة بميزانية لا وجود لها
يجري تشكيل الحكومة اليوم بوجود مقعدين شاغرين، هما مقعد وزارة التعليم العالي الذي لم يُختَر له أحد حتى الآن، ومقعد وزارة الطاقة الذي فشل مرشَّحه في الوصول إليه وترك قاعة البرلمان يائسًا، وقد أشار روحاني قُبيل التصويت، لوزراءه المقترَحين إلى الصعوبات التي تواجه الحكومة في الظروف الحالية، قائلًا: “في الظروف التي يعيشها العالَم اليوم، لا يبدو طريق إدارة الدولة حتى في أوروبا وأمريكا وآسيا وغيرها من القارات سهلًا وممهَّدًا، فكيف بنا نحن الذين نعيش في منطقة تعمّها الفوضى، فضلًا عن المشكلات التي ورثناها عن السّابقين (يقصد حكومة أحمدي نجاد)؟”، متطرقًا إلى ما تتحمّله الحكومة من تكاليف مرتفعة لتأمين الصناديق الاعتبارية والدعم النقدي وصندوق التنمية وديون الحكومة للقطاع الخاصّ والبنك المركزي، مشيرًا إلى أن نصف الميزانية يُصرَف على هذه الأمور، متأسفًا لعدم بقاء كثير من تلك الميزانية إذ قال: “لا يبقى شيء منها، لذا نحن نواجه ظروفًا صعبة”، وهذا التحليل الذي أدلى به روحاني يُشير إلى الأوضاع الصعبة للغاية التي يواجهها لتحقيق الوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية.

مادة مترجمة عن موقع زيتون


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المركز

مهدي تاجيك
مهدي تاجيك
صحفي إيراني