تداعيات المظاهرات على الاقتصاد الإيراني وأسعار الطاقة العالمية

https://rasanah-iiis.org/?p=10316

بدأت المظاهرات في إيران يوم 28 ديسمبر في مدينة مشهد، وامتدّت لاحقًا إلى أكثر من 70 مدينة من ضمنهم طهران وأصفهان وشيراز وقم وغيرها، وتعطّل معها سير الحياة في عدة مدن إيرانية وأقفلت محالّ تجارية أبوابها بعد إغلاق عدد من الميادين والشوارع ومحطات مترو الأنفاق في العاصمة طهران، كما توقفت الدراسة في مدارس طهران ليومين على الأقل مع تزايد حدة المظاهرات. وعادة ما يؤثر توقف المصالح التجارية والاضطرابات الأمنية في أي سوق على استقرار مستويات الأسعار بشكل مباشر إذا ما طال أمد التوقف وتوسع النطاق الجغرافي للاضطرابات. وكان للمظاهرات الإيرانية انعكاسات واضحة على الاقتصاد الإيراني وأسعار الطاقة العالمية بعد أيام من بدايتها، نوضحها في ما يلي.

الأثر على سوق الأوراق المالية
انعكست الأوضاع الأمنية على بورصة الأوراق المالية الرئيسية في البلاد، إذ تحولت الشاشة الرئيسية لسوق طهران للأوراق المالية إلى اللون الأحمر لأيام متتالية.
رسم توضيحي1: رسم بياني يوضح انخفاض البورصة الإيرانية عقب المظاهرات

المصدر: موقع «اقتصاد نيوز» باللغة الفارسية

وفقدت البورصة الرئيسية في البلاد أكثر من 2% من قيمتها في خلال أسبوع فقط عقب بداية المظاهرات، وخسر مؤشر بورصة طهران ما يقرب من ألفَي نقطة حتى يوم 3 يناير 2018 (13/10/1396 وفق التقويم الفارسي) مقارنة بـ97899.2 نقطة يوم (6/10/1396 بالتقويم الفارسي)، تأثرًا بالأحداث اليومية المتصاعدة في كل محافظات البلاد، مسجّلة بهذا الانخفاض واحدًا من أكبر الانخفاضات في فترة زمنية وجيزة، ودائمًا ما تكون سوق الأوراق المالية هي أول المتأثرين بحالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد.

أسعار صرف العملات الأجنبية
من ناحية أخرى أثرت المظاهرات في استقرار سوق الصرف الأجنبي، وانخفض التومان الإيراني أمام العملات الرئيسية كاليورو والدولار الأميركي بنسب 8.2 و5% على التوالي.
رسم توضيحي2: رسم بياني يوضح ارتفاع اليورو أمام التومان الإيراني

المصدر: موقع «اقتصاد نيوز» باللغة الفارسية
وسجّلت العملة الأوروبية أكثر الارتفاعات أمام العملة الإيرانية، إذ ارتفع اليورو بنسبة 8.2% أمام التومان، مرتفعًا من 5064 تومان إلى 5600 تومان لليورو الواحد حتى وقت كتابة هذه السطور. وبنفس السيناريو سجّل الدولار الأميركي ارتفاعًا بحدود 5% أمام التومان من 4203 تومان إلى 4420 تومان مقابل كل دولار (وفق إذاعة راديو «فردا» الإيرانية) مقارنة بالأسعار قبل بداية المظاهرات مباشرة.
** ولذا فإن استمرار المظاهرات وتوسّع نطاقها سينعكس على مستوى الاقتصاد المحلي من عدة زوايا، كما يلي:
• خسائر مالية ناتجة عن تعطّل دوران عجلة الإنتاج وتوقّف عمل المصالح الإدارية والاقتصادية وتوقّف مصادر دخل أعداد كبيرة من العاملين، خصوصًا عاملي اليومية.
• استمرار تراجع أسعار صرف التومان أمام العملات الأجنبية لتزداد الضغوط التضخمية وترتفع مستويات أسعار السلع، خصوصًا السلع الغذائية المستوردة.
• احتكارات السلع المختلفة والتحكم في أسعارها.
• هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، وهبوط سوق الأوراق المالية بعد موجات بيع كبيرة لمالكي الأوراق المالية.

الانعكاس على أسعار الطاقة
أما على الصعيد العالمي فقد كان للمظاهرات الإيرانية صدى مباشر على أسعار الطاقة، إذ ارتفع سعر خام برنت مسجلًا أعلى ارتفاع له منذ منتصف عام 2015، وارتفع خام برنت عقب الأحداث الإيرانية بنسبة 1.5% تقريبًا، متخطيًا حاجز 67 دولارًا للبرميل في يوم 2 يناير 2018، وتزامنت الاضطرابات الأمنية في إيران مع الإعلان عن نقص مخزونات الخام الأميركي لتعزز ارتفاع الأسعار، وعلى الرغم من أنه ارتفاع ليس بالكبير مقارنة بما قبل المظاهرات (سجّل سعر برنت نحو 66 دولارًا للبرميل يوم 27 ديسمبر 2017)، فإنه كسر حاجز أعلى سعر مسجّل منذ أكثر من عامين ونصف العام، ومطلقًا العنان لمزيد من الارتفاع المحتمل في الأجل القريب.
كذلك ينعكس صدى التوترات الجيو-سياسية في الشرق الأوسط على الأسعار العالمية للنفط، وإذا استمرت المظاهرات والاضطرابات الأمنية في إيران في التوسع،  سنرى الأثر طفيفًا على أسعار الطاقة ما دامت الاضطرابات بعيدة عن صادرات النفط الخام من إيران، لكن إذا ما طالت الاضطرابات منشآت إنتاج أو تصدير النفط الإيراني فستحلّق الأسعار في السماء حتى تتدخل الدول ذات الفوائض الإنتاجية بتعويض النقص في المعروض العالمي من النفط، وهو سيناريو ليس بالبعيد ويتوقف على ما ستكشفه الأيام القادمة من تطوّرات على الساحة الأمنية والسياسية في إيران.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير